الاستشارة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا في حيرة من أمري وأدعو الله ليل نهار فأنا إنسان قد أكون حساس ولكن محور القضية هو أن مستأجر ولدي جار - هداه الله – كثير الإزعاج والأذية يقوم أبناءه أحيانا برمي بعض المخلفات بقصد أو بغير قصد إلى القسم الخاص بي وهناك باب بيني وبين ذلك الجار ، وأحيانا يدخل منها أبناؤه إلى القسم الخاص بي ! أيضا حاولت التواصل معه بالأسلوب الحسن وبالتي هي أحسن ولكن لا حياة لمن تنادي ، فحينما يراني يحاول الصدود وكأني قد أجرمت في حقه !!
أنا في قرارة نفسي أكرهه كرهاً لايعلمه إلا الله ولكن لأن الله حثنا على حق الجار أحاول أن أتمثل لأمر الله سبحانه وتعالى ولكن لم أجد من هذا الرجل أي تفاعل وحينما يريد شيئا فإنه يرسل أبناءه ويمتنع عن المقابلة .
وقد حصل وأن قابلته مرة فوجدت منه اللامبالاة .. فكرت مرات عديدة في النقل عن هذا البيت نتيجة لما أراه ومحاولة مني لأن لا أقع في أمر مشين معه فقد قمت بإغلاق الباب بالعمد ذلك لما أراه من استهتار في حق الجار منه .. فهل ابني بناء هو قام بهدمه النفس البشرية ضعيفة ولها طاقه محدودة فأحيانا أقوم بالدعاء عليه نتيجة لإزعاجه المتكرر والذي يحصل في أنصاف الليالي !
الحقيقة لم أجد طريقه أتصرف بها سوى الإرسال إليكم طالبا من الله ثم منكم إرشادي إلى الطريق الصواب .. هل أقوم بالنقل من البيت بسبب هذا الجار المزعج المؤذي أم أني أتحمل وإلى متى ؟
الإجابة :
أخي السائل الكريم:
الإحسان إلى الجار من علامات الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ) [رواه البخاري رقم5560]. وقد جاءت الوصية بالجار في القرآن مع عموم من يوص بالإحسان إليهم في قوله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} (النساء : 36 )
وقد ورد ما يدل على عظم التجاوز على الجار وإلحاق الأذى به، وأن ذلك من علامات نقص الإيمان كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ( وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ ) [ صحيح البخاري : 5557 ]
وكف الأذى مطلوب وهو من دلائل كما ورد بذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ) [ رواه البخاري ، رقم4787 ].
فإذا وقع من جارك عليك أذى وتكرر منه – حسب ما ذكرت – فالواجب ما يلي:
1- الصبر عليه واحتمال أذاه رعاية لحق الجار والإحسان إليه ما دام ذلك مقدورا عليه والضرر منه لا يبلغ حدا لا يحتمل مع الدعاء له بالهداية والصلاح.
2- نصيحته باللطف وتذكيره بحق الجار وترغيبه في الأجر بكف الأذى وتقديم الإحسان.
3- الاستعانة – بعد الله تعالى – بشفاعة أو تدخل إمام مسج الحي أو بعض الوجهاء من الجيران ليذكروه بأسلوب مناسب ويكونوا مصلحين وجامعين على الخير ومانعين من الأذى والضر.
4- الاستعانة بمن ذكر في زجره وتعنيفه – في حال استمرار أذاه – وإبداء عدم رضاهم عن تجاوزه ، وتهديده بأن الجيران جميعاً سيكون لهم منه موقف رادع.
فإذا لم تجد كل ذلك نفعاً فإنك يمكنك أن تأخذ بأحد هذه الحلول:
1- الصبر والاحتمال واحتساب الأجر على الله مع مدافعة الأذى وتوقي الضرر، إضافة إلى مواصلة النصح والتذكير مع التلطف بالزيارة والإهداء.
2- الانتقال من السكن والبعد عن هذا الجار المؤذي إن كان ذلك متيسراً.
3- إن كان الأمر الأول غير محتمل والثاني غير ممكن ، فيمكن ردعه بشكواه إلى جهة رسمية إن كان أذاه مما يدخل في هذه الدائرة.
والأول والثاني أولى ولك وأليق بك. فالصبر طيب وفيه أجر كبير لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( الْمُسْلِمُ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ) [سنن الترمذي رقم(2431)].