السؤال :
شيخنا الكريم وفقه الله وإيانا إلى الخير سؤالي هو : كيف نجمع في الفهم بين كلا الحديثين التاليين من حيث أن أجساد الأنبياء عليهم السلام لا تأكلها الأرض وفي الوقت نفسه يذكر الحديث الثاني أن عظام يوسف عليه السلام هي التي استخرجت من الأرض أي أن باقي جسده قد انحل عن العظم وكلاهما صحيح كما اتضح لي بعد البحث في تخريجهما:
- ( 6184 ) إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي . فقالوا : يا رسول الله ، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ قال : يقول بليت . قال : إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء .
الراوي: أوس بن أوس الثقفي - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: النووي - المصدر: الخلاصة - الصفحة أو الرقم: 1/441 .
-------
- ( 43859 ) أعجــزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل ؟ فقال أصحابه : يا رسول الله و ما عجوز بني إسرائيل ؟ قال : قال إن موسى لما سار ببني إسرائيل من مصر ، ضلوا الطريق ، فقال : ما هذا ؟ فقال علماؤهم نحن نحدثك : إن يوسف لما حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله أن لايخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا ، قــال : فمن يعلم موضع قبره ؟ قالوا ما ندري أين قبر يوسف إلا عجوز من بني إسرائيل ، فبعث إليها ، فأتته ، فقال دلوني على قبر يوسف ، قالت لا و الله لا أفعل حتى تعطيني حكمي ، قال : و ماحكمك ؟ قالت أكون معك في الجنة ، فكره أن يعطيها ذلك ، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها ، فانطلقت بهم إلى بحيرة ، مــوضع مستنقع ماء ، فقالت : انضبوا هذا الماء ، فأنضبوا ، قالت احفروا و استخرجوا عظام يوسف ، فلما أقلوها إلى الأرض ، إذ الطريق مثل ضوء النهار .
الراوي: أبو موسى الأشعري - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح على شرط مسلم - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 313
ووفقنا الله واياكم إلى خدمة الإسلام والمسلمين .
الجواب على هذا الإشكال:
أن من أساليب العرب في الكلام ذكر الجزء وإرادة الكل، مثل قول الله تعالى: { وقرآن الفجر} أي صلاة الفجر، فعبر عن الصلاة بالقرآن الذي يقرأ فيها دون غيره من أعمال الصلاة .
يقول الشيخ الألباني بعد روايته للحديث في السلسلة الصيحيحة1 / 560 :
( فائدة ) كنت استشكلت قديما قوله في هذا الحديث ( عظام يوسف ) لأنه يتعارض بظاهره مع الحديث الصحيح :
( إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) حتى وقفت على حديث ابن عمر رضي الله عنهما . " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن ، قال له تميم الداري : ألا أتخذ لك منبرا يا رسول الله يجمع أو يحمل عظامك ؟ قال : بلى فاتخذ له منبرا مرقاتين " . أخرجه أبو داود ( 1081 ) بإسناد جيد على شرط مسلم .
فعلمت منه أنهم كانوا يطلقون " العظام " ، و يريدون البدن كله ، من باب إطلاق الجزء و إرادة الكل ، كقوله تعالى : { و قرآن الفجر } ؛ أي : صلاة الفجر .
فزال الإشكال و الحمد لله ، فكتبت هذا لبيانه .