استشارة :
أنا متزوجة منذ سنه و نصف و لم يحدث حمل وذلك لعيب ما في الزوج و المحاولات عند الأطباء مستمرة ولا شك أن تأخير الإنجاب يؤثر من الحين والأخر على الحياة بيني و زوجي ولكن انأ أحبه فعندما يأتي موعد الدورة الشهرية كل شهر أشعر بحزن في قلبه ولا يريد أن يصارحني به وعندما أتكلم معه بأنني أشعر به وبحزنه يرد معللا أنه لا يريد أن يدخل في هذا الشعور و أنه سوف يزول بعد قليل من الوقت وأنا أجلس معه وأقول له أن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها و لقد قمنا ببعض المحاولات عند الأطباء و لكن لم تؤتى ثمارها بعد وأشعر أن الله لن يخيب ظني إن شاء ولكن من وقت لآخر تأتى إليّ الهواجس بأن هذا عقاب من الله أو امتحان ..
فأنا أقول أن الأولاد بيد الله وقتما شاء ومن داخلي أتمنى الأطفال فهل هذا تناقض في المشاعر أم ماذا ؟
وأدعو الله أن يرزقني الذرية الصالحه .. أفيدوني في هذه المواقف وكيف أتعامل مع زوجي و كيف أصبر نفسي ؟ و السلام عليكم ورحمه الله
الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه
الأخت السائلة الكريمة
لقد فطر الله الإنسان رجلاً كان أو امرأة على حب الذرية، وذكر لنا في القرآن قصة نبيه زكريا عليه السلام وكيف تمنى الذرية الطيبة، كما ذكر لنا قصة سارة زوجة النبي إبراهيم عليه السلام وكيف تمنت الذرية.
ومن قدر الله تعالى وحكمته أن يجعل بعض خلقه عقيماً لا يولد له، يقول الحق سبحانه: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (الشورى :49- 50 )
فالخلق خلقه، والأمر أمره سبحانه.
وإن رغبتك في الذرية لا تتعارض مع ما قدره الله تعالى عليك، فهو سبحانه خلق البشر وفطرهم على ذلك. ومادام المسلم والمسلمة مؤمنين بقضاء الله وقدره وراضيين به فلا إشكال، إنما يأتي الإشكال من التسخط على قدر الله تعالى وعدم الرضى بما قضاه وقدره.
أما ما ينتاب زوجك من الحزن فهو أمر طبيعي، لكن عليك أن تتجنبي إثارة هذا الموضوع معه عندما ترين تأثره أو ضيقه بسببه، وحاولي أن تغيري تفكيره بشكل غير مباشر دون حديث عن هذا الموضوع في الفترة التي تأتي فيها الدورة، ويمكنك القيام بذلك بإشغاله بعمل من أعمال البيت أو بالذهاب في نزهة أو زيارة لبعض الأرحام أو الأصدقاء أو متابعة برنامج مفيد أو قراءة كتاب نافع ونحو ذلك من الأمور.
وينبغي عليك أن لا تيأسي من روح الله وفضله، فهو الكريم الذي يعطي من شاء متى شاء وعليه فينبغي لك العناية بزوجك والقيام بواجبك الشرعي الذي قرره القرآن والسنة تجاهه، وأن لا يحملك اليأس من الذرية على التقصير تجاهه، ولتعلمي أن في قضاء الله وقدره خيراً، وإن من الخير في مثل حالكما أنكما تعظمان صلتكما بالله، وتكثران من التضرع إليه ودعائه بإخلاص، وهذا فيه خير كثير يعود نفعه على إيمانكما والدعاء هو العبادة.
ويمكنك أن تصبري نفسك بأمور عدة، منها:
1- أن تعلمي يقيناً بأن السعادة الحقيقية هي في طاعة الله تعالى ورضاه، وهذا يتحقق للإنسان في وجود الأولاد وعدم وجودهم.
2- أن تزيدي إيمانك بقضاء الله وقدره، واعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما وهذا فيه أجر وثواب عظيم ومن بعض وجوه رحمة الله بعباده تقدير البلاء والتوفيق للصبر والرضا بالقضاء.
3- املأي أوقات فراغك بما يفيدك ويفيد مجتمعك، وينمي قدراتك.
4- حاولي تعويض شعورك بالأمومة بالعطف على الأيتام والمشاركة في رعايتهم والإحسان إليهم.
5- أكثري أنت وزوجك من الدعاء واللجوء إلى الله، واسأليه الذرية كما سأله زكريا عليه السلام، وأكثري من قول { رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين } { رب هب لي من لدنك ذرية طيبة } .
6- أكثري أنت وزوجك من الاستغفار، فالله وعد عليه بكثرة المال والولد، يقول الله تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } [نوح10-12].
لأن قدر الله عدم الإنجاب فاكفلا يتيماً أو لقيطاً وربياه فلكما الأجر وفي ذلك شيء من العوض.
نسأل الله تعالى أن يرزقكما الذرية الصالحة، التي تكون قرة عين لكما في الدنيا والآخرة. إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والحمد لله رب العالمين.