الاستشارة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
في البداية أود الاعتذار لأن الرسالة ستكون طويلة ولكن ثقتي في سعة صدوركم لتقديم الفائدة كبيرة إن شاء الله وأود أن تساعدوني بطريقتكم الدعوية لإعادة عمتي للنهج الصحيح للقرآن والسنة :
عمتي في الخمسينات من عمرها ولديها 4 بنات تزوجت أولاهن في الصيف الفائت وهي تفعل العديد من الأشياء المنافية للقرآن والسنة وما يخرج أحيانا من الملة والعياذ بالله كما نسمع ونتعلم من علمائنا الأفاضل ..
*فعمتي تذهب للمنجمين والعرافين للاستعلام عن أي مشكلة تقع فيها بدعوى معرفة الأسباب الحقيقية وراء المشكلة .
* أيضا هي تعتقد بنفع وضر الأولياء الصالحين ولديها ولي نسبت نفسها وبناتها له وتسعى لتطبيق عاداته أو طريقته كما يقولون وتذبح له الذبائح وتخشى منه إذا أخلت ببعض طرقه أن يعاقبها وتفاصيل ذلك كثيرة ولكني لا أريد الإطالة .
* كل هذا بالإضافة لمشاهدة الأفلام والفيديو كليب بجميع أنواعه وستار أكاديمي وما إلى من البرامج التليفزيونية وأيضا تعلق الصور بالبيت والتحف الفخارية على شكل عرائس و ليس محترمات وحضور حفلات الأعراس الممتلئة بالمعاصي فهي أيضا قامت بتزويج ابنتها بهذه الطريقة .
المحير أنها تصلي وتذهب كل جمة للمسجد للصلاة وتقرأ القرآن وتتصدق ولكنها ترفض التسليم بحرمانية ما تفعله كلما خاض بعض الأقارب الموضوع معها وتقول كل شيء تردون تحريمه ثم أنا أخاف وتعني بذلك من الولي أنا أريد التحدث معها منذ مدة ولكني أجلت ذلك لأدعم كلامي بفتاوى من العلماء مدعمة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأشهر تفاسير العلماء كي لا أدع لها مجالا للتشكيك في ما أقول فأرجو من فضيلتكم المساعدة لأني سأطبع إجابتكم وأقدمها لها عند حديثي معها كدليل وحجة وأود نصيحتك في كيفية التحدث معها وجازاكم الله كل خير وكلل مسعانا هذا بالنجاح إن شاء الله فهو ولي ذلك والقادر عليه وهدانا جميعا لما يحب ويرضى فكما قال عليه الصلاة والسلام بما معناه لأن يهدي بك الله عبدا خيرا لك من حمر النعم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد:
الأخت السائلة الكريمة ..
الإسلام دين التوحيد الخالص والاستسلام الكامل لله تعالى، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [ البينة : 5 ] .
وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [ الأنعام 162- 163 ] .
وقال تعالى على لسان يوسف: {مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [ يوسف : 40 ]
وبين الله سبحانه ما وقع فيه أهل الشرك في الجاهلية حيث اتخذوا وسطاء بينهم وبين الله تعالى، فقال سبحانه منكراً عليهم: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [ الزمر : 3 ]
والآيات التي تتحدث عن التوحيد في القرآن كثيرة جداً، وجوهرها وروحها أن الإنسان عبد خاضع لله ، لكنه موصول به من خلال الإيمان به سبحانه والعبادة له، وصلته به مباشرة دون واسطة، وهي صلة به وحده دون غيره.
وقد حرم الله تعالى ما ذبح لغير الله تعالى أو ذبح على النصب فقال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (المائدة : 3 )
وقال صلى الله عليه وسلم: (يقول الله أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) [ رواه مسلم]
والأولى لعمتك بدل أن تخاف من الولي وعقوبته أن تخاف من عقاب الله تعالى وعذابه في الدنيا والآخرة. فمن تسميه ولياً ليس إلا مخلوقاً ضعيفاً لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، فكيف يضر أو ينفع غيره، والضار والنافع هو الله، يقول الله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} [ الفرقان : 3 ].
وأما ما ذكرته من عادة التعويذة والتي تسمى (الصفيحة) فهي نوع من التمائم المحرمة في الإسلام لما فيها من الشرك بالله تعالى، وربما كانت على الصفة المذكورة نوعاً من السحر.
والتميمة هي قلادة فيها عود، أو هي خرزات تعلق لاتقاء العين أو الضرر، وقد ورد النهي الصريح عنها، قال صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) [رواه أحمد].
وعن عيسى بن حمزة قال دخلت على عبد الله بن حكيم وبه حُمرة فقلت: ألا تعلق تميمة؟ فقال نعوذ بالله من ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من علق شيئا وكل إليه) [رواه أبو داود]
وجاء وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعونه على الإسلام فبايع تسعة وأمسك عن رجل منهم، فقالوا ما شأنه؟ فقال: (إن في عضده تميمة) فقطع الرجل التميمة فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : (من علق فقد أشرك) [رواه أحمد والحاكم]
وهكذا نرى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل البيعة ممن علق التميمة لأنها تنافي التوحيد، فكيف يقبل من الإسلام وهو متلبس بما يناقضه وهو الشرك من خلال تعليق التميمة، فلما نزعها قبل منه ذلك وبايعه.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) [رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة] والتولة: نوع من السحر.
والإسلام جعل للعقيدة سياجاً واقياً وستاراً حامياً، ومن هنا نهى عن التعلق بغير الله بأي صورة من الصور، وفي أي مجال من مجالات الحياة؛ لأن ذلك معناه أن الإنسان سيكون متصلاً ومعتمداً على غير الله، ولديه إيمان بأن لغير الله قدرة نافذة تجلب النفع تدفع الضر، وهذا معناه شرك وكفر يجعل لغير الله صفات لا تليق إلا بالله سبحانه، ولا تجوز إلا له.
ومثل هذه الأعمال لا تزيد فاعليها إلا ضعفاً وخوراً، يقول الحق سبحانه: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} [ الجن : 6 ] أي: زادوهم خوفاً وإرهاباً وذعراً، حتى يبقوا أشد منهم مخافةً وأكثر تعوذاً بهم.
وإذا ثبت أنها نوع من السحر فإن تعاطي تلك التعويذة والقيام بها كفر بالله تعالى، لقوله تعالى: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) [ البقرة : 102 ]
قال ابن حجر: " وقد استدل بهذه الآية على أن السحر كفر ومتعلمه كافر .. قال النووي عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات .. وعن مالك الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب بل يتحتم قتله كالزنديق " .