الاستشارة :
أنا شاب متزوج وعندي طفلة وزوجتي متدينة وملتزمة والحمد لله ، ولكني على علاقة مع فتاة من قبل الزواج وأرغب بالزواج منها ولكن نظراَ لاختلاف الجنسية بيننا أمي رفضت من حيث المبدأ دون أن تعرف الفتاة وكذلك شكت الفتاة بأن والدها سيرفض ولكن لم يعرض عليه الموضوع، والآن الفتاة تقدم لخطبتها ابن عم لها وأكد عليها أبوها أن توافق عليه لأنه لا يعيبه شيء فوافقت لإرضاء أبيها وتم عقد قرانها وأنا وأيها الآن نعيش حياة صعبة جداً وأحاول قدر المستطاع أن يفسخ الشاب خطبتها حتى أعمل المستحيل وأتزوجها ، فما رأيكم في هذا الموضوع ، أرجو إفادتي بما أفعل ، علماً بأنني لم أصارح الشاب خطيب الفتاة بأن الفتاة تريديني وأنا أريدها على سنة الله ورسوله وبالحلال ..
الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
الأخ السائل الكريم أبو فراس حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فلقد من الله عليك بزوجة متدينة وملتزمة ورزقك منها بطفلة فاحمد الله تعالى على ما أنعم به عليك.
واعلم يا أخي الكريم أن الزواج قسمة ونصيب، يقول الله تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [ الروم : 21 ] فالزوجة التي خلقها الله لك ستتزوجها، والتي المرأة التي لم تخلق لك لن تتزوجها مهما فعلت، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا بن عباس رضي الله عنهما: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك).
إذا كانت أمك ترفض فكرة زواجك بها، وأبوها وهو وليها يتوقع أن يرفض، فكيف ستتزوجها؟ لا سيما وأن هذا الاحتمال يزداد بل ويتأكد بعد أن عقد قرانها على ابن عمها.
وهذه الفتاة التي تقول بأنك على علاقة بها قبل الزواج وترغب بالزواج منها الآن بعد أن تزوجت غيرها، وتزوجت غيرك بعقد قرانها عليه.
فلماذا لم تتزوج هذه الفتاة ابتداءً؟
وإذا تم عقد قرانها على ابن عمها فينبغي لك أن تقطع صلتك بها نهائياً لأنها بعقد القران صارت زوجة لغيرك، ولا يجوز لك أن تطلب طلاقها من ابن عمها لتتزوجها وتبذل المستحيل من أجل ذلك، فإن ذلك محرم.
لقد جعل الله المرأة المتزوجة محرمة على غير زوجها فلا تجوز خطبتها مادامت في عصمته قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء : 24 ] قال ابن كثير: "أي: وحرم عليكم الأجنبيات المحصنات وهن المزوجات " .
ولقد حرم الله تعالى خطبة المرأة المعتدة وهي في عدة الطلاق أو الوفاة احتراماً لحق الزوج الأول. فمن باب أولى أن تحترم أنت حق زوجها [ابن عمها] وهي الآن في عصمته بعد عقد قرانه عليها ولم يفارقها بموت أو طلاق.
وكما لا يجوز لك خطبتها، فلا يجوز لك أن تسعى في طلاقها من ابن عمها. لما يترتب على ذلك من إعانة للشيطان وقطع الصلات بين عائلة الزوج والزوجة وهم بينهما في الأصل قرابة. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ) [صحيح رواه أبو داود] ومعنى خبب امرأة: أي أفسدها على زوجها، ومثله إفساد الزوج على زوجته.
ولأن ذلك من إفساد ذات البين وهي الحالقة التي تحلق الدين
أخي الكريم : وصيتي إليك أن ترضى بما قسم الله لك في زواجك الحالي، وأن تصرف نظرك عن تلك الفتاة، وتقطع صلتك بها نهائياً.
واعلم أن صلتك بها قبل الزواج صلة غير مشروعة أصلاً وهي من التعدي على حرمات الله، فلا تجعل تلك الصلة غير المشروعة سبباً للوقوع فيما حرم الله عليك.
نسأل الله تعالى أن يرزقك الرضا بما قسم لك وأن يبارك لك في أهلك. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.